إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

قيمة الهدف في حياة الزوجين

قيمة الهدف في حياة الزوجين

كثير من المتزوجين بعد فترة قصيرة من تاريخ زواجهم يجدون أنفسهم غارقين في دوامة مُهولة : تحوّل حياتهم الزواجيّة إلى حياة مليئة بالرتابة الجافة و الملل القاتل !! و أنّ علاقتهم الثنائيّة انقلبت إلى مشاكل و مشاحنات !! و أنّ كل أحلامهم و أشواقهم التّي كانت تداعب أعماقهم قبل الزواج تلاشت و اضمحلّت !!
هذا التحول الكئيب يكون مشهوداً في مختلف مظاهر علاقة هؤلاء الأزواج التّعساء : العاطفة الوجدانيّة , الممارسة الجنسيّة , التدبير المالي , الخطط المستقبليّة , تربية الأطفال , الإرتباطات الإجتماعيّة .. إلخ . على أنّه من المؤسف أن نعرف أنّه بالرغم من كل هذا الجفاف القاتل و تلك المشاكل الطاحنة و تحول العلاقة الزواجيّة إلى حلبة صراع ضروس , و ربما بشكل صامت , إلا أنّ كثيرين لا يبذلون – و بعضهم لا يعرف الطريق الصحيح - أي جهد لتغيير الوضع , و لا يحرصون على تجديد علاقتهم و تطويرها إلى ما هو أفضل و أجمل !!
♣♣♣
في حسباني , فإنّ أحد أهم أسرار هذا التحول الفظيع و هذه الكآبة الأسيفة , التّي تقذف بالزوجين في مهاوي الشقاء و المعاناة , يتمثّل في شيء واحد , ألا و هو :
U . فقدان الهدف الصحيح في العلاقة الزواجيّة !!
و هذا يرجع – حسب رأيي - إلى الأسباب التّاليّة :
L عدم معرفتهم بالطرق المحققة للسعادة و الفنون الجالبة للإستقرار بينهم , بالرغم من وجود رغبة عارمة لدى كثير منهم للحصول على تلك السعادة و تحقيق ذلك الإستقرار !!
L عجزهم عن الإنفكاك من عقابيل تلك الفكرة المشؤومة التي رسّخت فيهم أنّ الزواج سجن ضيّق تتحطم فيه كل الرغبات و الأمنيات , لأنّه ليس إلا هموماً ضاغطة و مشاكل غيرُ متناهيّة !!
L اعتقادهم ضرورة اتباع النّاس في قصرهم لغايات الزواج على :  المتعة الجنسيّة , إنجاب الأطفال , الظهور أمام النّاس أنّهم فعلاً صار فلان رجلاً , و صارت فلانة امرأة !!
L فقدانهم للإنسجام العاطفي و المودة الوجدانيّة . لأنّ الهدف المشترك لابد أن يتحمّل طرفاه مسؤوليّة تحقيقه و بلوغه , و هذا التحمل يقتضي وجود وشيجة نفسيّة و رابطة عاطفيّة بينهم !!
L جهلهم – و هذا أعظم الأسباب – بطبيعة المهمّة التي خلقوا لها في هذا العالم . فتراهم يعيشون عيشة الدابة السائمة , فلا همّ لهم إلا المتع الحسيّة و التفنن في لذاتها : طعام , منزل , سيارة , سفر , مال , مكانة اجتماعيّة !!
إنّ وجود هذه الأسباب – أو على الأقل بعضها – و ترسخها في النفس , لا شك أنّه يمنع الزوجين من تحديد الهدف الصحيح لحياتهما الزواجيّة , و التخطيط الجيّد لبلوغه .
♣♣♣
من أجل ذلك , فإنّ عدم وضع الزوجين لميثاقهما الزواجي و لرابطة الحب الجميل الذي يربط بينهما , هدفاً كبيراً مشتركاً له سلبيات مدمرة كثيرة , نحدّد أصولها في العناصر التّاليّة :
L قابليّة نشوب الخلافات اليوميّة و تفكك الأواصر العاطفيّة بينهما لأتفه الأسباب !!
L عدم مبالاة الطرفين بسعادة و راحة و استقرار بعضهما بعضاً !!
L انتفاء الإهتمام من الطرفين بمسار علاقتهما الثنائيّة : مستقيمة أم منحرفة ؟!
L عجز الطرفين عن تذوق السعادة , لأنّه ليس عندهما فكرة واضحة عن السعادة الزواجيّة !!
L الإحساس الدائم بالجفاف و الآليّة القاتلة جرّاء انعدام الشعور بالإمتلاء العاطفي و الإرتواء الجنسي !!
L إهمال الطرفين لتنشئة أطفالهما تنشئة صحيحة صالحة !!
P. النتيجة هي : سيتعامل هذان الزوجان فيما بينهما بطريقة سلبيّة جدّاً . و لذا ستتحوّل حياتهما الثنائيّة إلى جحيم لا يطاق و مأساة فظيعة !!  
♣♣♣
إذن من المهم للغاية أنّ يفهم الزوجان اللذان ينشدان السعادة و الإستقرار في حياتهما الزواجيّة , أنّ أحد أهم عناصر القوة في العلاقة الزواجيّة الناجحة – كما يؤكد على ذلك الخبراء في هذا المجال – يكمن في حقيقة واحدة , ألا و هي :
اتفاق طرفي العلاقة الزواجيّة على هدف أعلى مشترك بينهما , يحرصان على بلوغ أعلى مراتبه الممكنة .
ذلك لأنّ الفوائد العظيمة التّي يجنيها الزوجان عندما يضعان لميثاقهما الزواجي هدفاً مشتركاً و كبيراً , كثيرة شتى , بَيْد أنّنا نجمل أصولها في المعاني التّاليّة :
J  رسم صورة جميلة لمستوى العلاقة الثنائيّة التّي ينشدان بلوغها مع مرور الأيام .
J  شعور الطرفين بالقيمة و التقدير الذاتي , من خلال تفتح كل طاقات النفس للعمل و الإشتغال .
J معرفة مدى التقدم و التطور في علاقتهما الزواجيّة , و مكامن النقص و القصور فيها .
J  الحرص على التفنّن في إبداع كل ما من شأنه مساعدتهما على تحقيق غايتهما من الزواج .
J الحرص على تربيّة أبنائهما تربيّة صحيحة , ليكونوا أفراداً صالحين .
J  اكتساب حصانة قويّة ضد مفسدات العلاقة الزواجية , سواء كانت تحديّات داخليّة أم منغّصات خارجيّة .
P. النتيجة هي : سيتعامل هذان الزوجان فيما بينهما بأسلوب جميل و راقي جدّاً . و لذا ستتحوّل حياتهما الثنائيّة إلى فرودس جميل لا يزالان ينتشيان بجماله الأخاذ و عبقه الدفاق .
♣♣♣
و الزوجان المسلمان , بسبب انتمائهما للدين الإسلامي , فلا شك أنّ هدف علاقتهما الزواجيّة الأكبر في الحياة يكون منبثقاً عن جوهر و تعاليم الإسلام . لأنّ هذا الدين ليس طقوساً شعائريّة فقط , بل هو منهج حياة شامل و متكامل .
و لذا فإنّ هدف الزوجين المسلمين من ميثاقهما الزواجي هو :
التعاون على طاعة الله تعالى و الإلتزام تعاليم شريعته في الحياة : ظاهراً و باطناً , في السرّ و العلن .
في اعتقادي فإنّ تحديد الزوجين التّعاونَ على طاعة الله تعالى و ابتغاء مرضاته , هدفاً أعلى لميثاقهما الزواجي , له آثار جليلة , تنعكس , سواء على الزوجين أم على أطفالهما أم على المجتمع جميعاً :
'. كلاهما يحرص على مساعدة الآخر على طاعة الله و الحصول على ثوابه .
'. كلاهما يشعر بالسلام و الأمان , لإطمئنانهما لبعضهما بعضاً و الثقة العالية بينهما .
'. كلاهما يحرص على برّ صاحبه و الحرص على سعادته , ابتغاء الفضل من الله  .
'. كلاهما يتجنّب منغصات المشاكل , التّي تعكر النفس و تضغط عليها , للتفرّغ لطاعة الله و عبادته .
'. كلاهما يشعر بقيمته الكبرى و مسؤوليّته العظيمة في تحقيق السعادة و الإستقرار مع شريك حياته .
'. كلاهما يبذل كل وسعه لتنشئة الأبناء تنشئة طيّبة صالحة , تنسجم مع تعاليم الإسلام في الحياة .
♣♣♣
إنّ كل هذا يساعد الزواجين – و لا شك - على التفنّن في الإيجابيّة الرائعة و الإحسان الجميل في كل شيء بينهما : التعبير عن الحب , التدبير الإقتصادي للبيت , الحوار حول مختلف التحديات , الإرتقاء بمستوى العلاقة الجنسيّة , تنشئة الأطفال و التخطيط لمسارهم في الحياة .. إلخ . و من ثمَّ تحتفظ علاقتهما الزواجيّة بسموها البديع ما امتدت الحياة بينهما .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق