إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 20 ديسمبر 2013

الشريك المثالي في الزواج


كل إنسان " الرجل و المرأة " لديه صورة معيّنة عن شريك حياته المثالي , ذلك الشريك الذي يحلم أن يمضي معه حياته , و يحقق معه أحلامه , و يتذوق معه السعادة الجميلة . و الحقيقة التّي لا مراء فيها , أنّ الحياة الزواجيّة لكي تنمو نموها الطبيعي و تحقق أهدافهما المنتظرة , يجب أن يتحقق في كلا الزوجين نسبة لا بأس بها من مواصفات الشريك المثالي الذي ينشده و يحلم به كلاهما . و إلا فلن يحصدا من هذه العلاقة إلا المأساة الأليمة و المعاناة العنيفة , فتتحطم فيهما معاني الشخصيّة و تتشوه إشراقات الروح .
و نحن عندما نقول بالشريك المثالي , فلسنا ندعو إلى شيء مستحيل , إطلاقاً , فذلك رسول الله r ما زال يحث المسلم و المسلمة على الإرتباط بالشريك المثالي , الذي يمكن أن يحقق معه أحلامه و سعادته و أهدافه في الحياة من حيث هو إنسان مسلم و هي إنسانة مسلمة . فيكفي أن نسمع هذا التوجيه النبوي الراقي و هو يمدح الشريك المثالي فيقول : ) خيركم خيركم لأهله ( . ) الدنيا متاع و خير متاعها المرأة الصالحة ( . ) إذا أتاكم من ترضون دينه و خلقه فزوجوه ( . )  أيّما امرأة ماتت و زوجها عنها راضٍ دخلت الجنة (
و قبل الخوض في تفاصيل معالم الشريك المثالي في الحياة الزواجيّة الإسلاميّة , أود التنبيه على ثلاث حقائق مهمّة جدّاً :
@ الحقيقة الأولى : يجب على الزوجين أن يحرصا بكل جهد لتحقيق أكبر قدر من نموذج الشريك المثالي لبعضهما بعضاً . فهذا السعي الحريص منهما هو حق كلّ واحد منهما على الآخر .
@ الحقيقة الثانيّة : الحرص على تحقيق أرقى صور الشريك المثالي , لا يعني تحقيق الكمال لأنّ الكمال مفقود في عالم الدنيا , و من طلب الكمال بقي وحيداً , إذ أنّ الكمال لله تعالى .
@ الحقيقة الثالثة : واجب على الزوجين معاً مساعدة بعضهما بعضاً على الإرتقاء إلى مستوى الشريك المثالي الذي يطمحان إليه . فلا يكفي المطالبة بذلك بل المساهمة في تحقيقه .
@ الحقيقة الرابعة : متعة و قيمة النموذج المثالي لا تكمن في بلوغ هذا المستوى دفعة واحدة , بل في بذل المجهود كل مرّة و استغلال كل فرصة طيلة الحياة على التحقق بصفات الشريك المثالي .
و نحن هنا _كما جرت العادة _ سنضع بين يدي القارئ : " الشاب و الفتاة أو المتزوجين أصلاً " مجموعة من التنبيهات العامة , التي نعتقد أنّها أهم عناصر تحقيق صورة الشريك المثالي في العلاقة الزواجيّة :
 ♣♣♣
Y الشريك المثالي هو الذي يساعد شريكه على القيام بواجباته الدينيّة تجاه الخالق تبارك و تعالى . بل يحرص على مساعدته على التطوير الدائم لعلاقته بالله تعالى من خلال التفقه في دينه , و الإكثار من التقرّب إليه , و تحبيب لقائه . ينبّه الرسول r على هذه الصفة فيقول : ) رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى , و أيقظ امرأته , فإن أبت نضح في وجهها الماء . رحم الله امرأة قامت من الليل و صلت , و أيقظت زوجها ، فإن أبى نضحت في وجهه الماء ( .
Y الشريك المثالي هو الذي يحرص على استغلال كل فرصة _ و لو كانت عابرة , بل يحرص على ابتكارها _ لجلب الرضا و السعادة لشريكه . و هذا يكون من خلال حسن المعاملة و جماليّة التواصل معه , و إبداء التقدير لشخصيّته و الإحترام لأفكاره و مشاعره , و مشاركته في همومه و طموحاته . ينبّه الرسول r على أهميّة هذه الصفة في الشريك المثالي , فيقول : ) خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية , إذا اتقين الله ( . و يقول r : ) خيركم خيركم لأهله ( . فخيريّة الزوج المسلم تتمثل في مدى برّه بزوجته و رحمته لها و حرصه على سعادتها .
Y الزوج المثالي هو الذي يحرص على إحسان قوامته على زوجته . فيفيض صدقاً و إخلاصاً و يتدفق تضحية و بطولة و يسيل حبّاً و حناناً . يحقق لها الدفء و الأمان و يوفر لها الرعاية و السعادة . يتغافل عن زلاتها و يغفر أخطائها . يحتمل مزاجها المتقلّب و ضعفها العاجز .يخفف عنها متاعبها و لا يكلّفها من أمره عُسْراً . يؤكد لها _ كلاماً و فعالاً _ أنّها أميرته الرائعة و حبيبته الساحرة , فهي الحب و الحب هي , هي الحياة و الحياة هي . يتميّز بروحه الشفيفة و قلبه الواسع و نفسه المعطاء و طموحه الكبير . ينبّه الرسول r على أهميّة هذه الصفة في الزوج فيقول : ) رفقاً بالقوارير ( , و يقول : )  استوصوا بالنساءِ خيرًا فإنهنَّ عندَكم عَوانٍ ( . أي أسيرات فعاملوهن برفق و محبة و حنان . )  أكمل المؤمنين إيماناً : أحسنهم خلقاً و ألطفهم بأهله ( . و تحكي السيدة عائشة _ رضي الله عنها _ أنّه r كان إذا كان في بيته يكون في خدمة أهله و يصلح شأنه بنفسه : يخصف نعله , يخيط ثوبه , يحلب شاته , و يخدم نفسه .
Y الزوجة المثاليّة هي التّي تحرص على التعبير _ كلاماً و فعالاً _ لزوجها : عن امتنانها و تقديرها لما يقوم به لأجل راحتها و سعادتها , و ما يبذله في سبيل توفير هنائها و أمانها , و ما يقدمه لتحسيسه بحبّه الكبير و إعجاب الرائع بها . تعتبره أهم إضافة في حياتها و أغلى شيء في حياتها و أعزّ شخص من كل قريب أو بعيد . تسرّه برقة أنوثتها و سحر جمالها , تتفنّن في إشباع غرائزه و تثوير عواطفه , لا تفتأ تؤكد له _ كلاماً و فعالاً _ أنّه رجلها العظيم و حبيبها الرائع , تسمع لرأيه و تحاوره بهدوء , تتقبّله بحسناته فتحفّزه على تطويرها , و بسيّئاته فتشجعه _ بلطف _ على تجاوزها . لا يطغيها حبّه الكبير لها بل تستغلّه لصالح إنجاح علاقته به , لا تكلّفه من رغباتها ما يعنته و يرهقه . ينبّه الرسول r على أهميّة هذه المثاليّة الجميلة فيقول : ) ما أفاد عبد بعد الإسلام خيراً له من زوجة مؤمنة : إذا نظر إليها سرته و إذا أمرها أطاعته , و إذا غاب عنها حفظته في نفسها و ماله ( .و يقول أيضاً r : ) ألا أُخبِرُكم بنسائِكم في الجنَّةِ ؟! قلنا : بلى يا رسولَ اللهِ . قال : ودودٌ ولودٌ إذا غضِبَتْ أو أُسِيء إليها أو غضِب زوجُها , قالت : هذه يدي في يدك لا أكتحِلُ بغُمضٍ حتَّى ترضَى ( .
@ تذكري أيّتها الزوجة :
أنّ في قلب كل امرأة حاسّة مرهفة جداً تهديها إلى قلب الرجل و تساعدها على تحسّس أوتاره الدقيقة . فكل امرأة _ من حيث هي أنثى _ تدرك بهذه الحاسّة التي وضعها الخالق تعالى فيها , بأنّ الرجل _ من حيث هو ذكر _ فيه معنى الطفولة , فيحتاج لأن تعامله بتلقائيّة الطفولة , لتكون بهذا الإعتبار أمه الروحانيّة . و فيه معنى الشاعريّة , فيحتاج لأن تعامله بعذوبة الحب , لتكون بهذا الإعتبار حبيبته الساحرة . و فيه معنى الأبوة , فيحتاج لأن تعامله بطاعة الإبنة البارّة , لتكون بهذا الإعتبار طفلته المدلّلة . و فيه معنى الرجولة , فيحتاج لأن تعامله بخضوع الضعيفة المطيعة , لتكون بهذا الإعتبار أسيرته الآسرة !!
إنّ أية امرأة تدرك بهذه الحاسّة فيها : أنّها حين تكون كذلك مع الرجل , فإنها تملك عليه أقطار نفسه و تأخذ عليه أرجاء فؤاده و تستبد بمجامع روحه . فإذا هي و هو _ كلاهما _ يشعر بأن طاقات روحه تتفتح و تنطلق إلى أقصى الحدود الممكنة في جلب السعادة و الحب لكليهما .
@ تذكر أيّها الزوج :
أنّ في قلب كل رجل نفس الحاسّة الرقيقة التي تساعده على الإهتداء إلى قلب المرأة و تسهل عليه تحسّس معاني الأنوثة الجميلة فيها . فكل رجل _ من حيث هو ذكر _ يدرك بهذه الحاسّة التي وضعها الخالق الحكيم فيه , بأنّ المرأة _ من حيث هي أنثى _ تحتاج للشعور بأنها طفلته المدللة , فيعاملها بهذا الإعتبار بعطف حنون . و أنّها حبيبته الرائعة , فيعاملها بهذا الإعتبار بمودة متوهجة . و أنّها زوجته المتألقة , فيعاملها بهذا الإعتبار بتقدير كبير . و أنّها أنثاه الفاتنة , فيعاملها بهذا الإعتبار برقة جميلة !!
إنّ أي رجل يدرك بهذه الحاسّة فيه : أنّه حينما يكون كذلك مع المرأة , فإنّه يسحر كيانها و يملك عليها روحها و يستبد بأنوثتها. فلا تلبث أن تذوب في عالمه الفسيح الواسع بما يزخر به من معاني متألقة و أحلام مشرقة و أشواق حالمة و روائع رفيفة . فإذا هو و هي _ كلاهما _ يشعران بأنّ شتى نزعاتهما و أشواقهما تعمل عملها الطبيعي و تسير في مساراتها الصحيحة في تناغم هادئ و انسجام جميل و تماه شفيف !!

إذن كل زوجة تستطيع أن تحقيق الشريكة المثاليّة لزوجها , و كل زوج يستطيع أن يحقق الشريك المثالي لزوجها كلاهما يستطيع أن يخلق _ بإذن الله _ سعادته الزواجيّة . فقط يجب توفر النيّة الخالصة , و الإرادة القويّة , و التّعلّم المستمر , و نبذ تصورات النّاس و تقاليدهم , فإنّ من سلك سبيلهم و انتظر نتيجة مختلفة عن معاناتهم الأليمة , فهو واهم .

تذكر هذه القاعدة : إذا أردت نتيجة مختلفة عن نتائج الآخرين , فاسلك سبيلاً غير سبيلهم . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق