إنّ مفهوم الحجاب من المفاهيم
المُلْتَبَسَة في عقول كثير من الفتيات و النساء المسلمات في العصر الحاضر . فهذه
الفتاة تعتقد أنّ الحجاب هو : تلك القطعة من القماش التّي توضع على الرّأس لتغطية
الشعر !! و أنّها حين تفعل هذا و تلتزم به , فإنّها تكون بذلك قد أدّت فريضة
الحجاب و أطاعت خالقها تعالى . و ليس يعنيها بعد هذا أن يكون لباس باقي الجسد مكشوفاً
و مثيراً للناظرين , بسبب ضيق و شكل الملابس التي تبرز معالم جسدها و مراكز
الإثارة فيه . و لا شك أنّ هذا الموقف من المسلمة المعاصرة يرجع إلى ملابسات
مختلفة : التربيّة الأسريّة , المقرّرات الدراسيّة , الإعلام و الصحافة .. إلخ .
لقد أدرك أعداء هذه الأمة المباركة أنّ
المسلمة لها شأن عظيم و دور كبير في حياة المجتمع و الأمة الإسلاميّة , فهي حاضنة
الإنسان و على حسب طبيعة أفكارها و أخلاقها و سلوكيّاتها , تكون صبغة الإنسان
المسلم , إذ غالباً ما يشيب المرء على ما شبّ عليه . و من ثمَّ ما فتئوا خداعاً و
مكراً يعملون على تحليلها _ بدعوى الحريّة و التقدم و التطور _ من مبادئ دينها و
تشويه تعاليم شريعة ربّها . لأنّهم واعون جدّاً أنّ نجاحهم في تدمير هذه الأمة و
تحطيم قدراتها رهين _ بشكل قويّ جدّاً _ بتدمير و تحطيم الفتاة و المرأة المسلمة .
إنّ المرأة المسلمة لها قيمة كبيرة في
ميزان الإسلام , فهو يدرك عظمة الدور المنوط بها في الحياة و صناعة الإنسان و بناء
الحضارة , كما أنّه يدرك أنّ المرأة المسلمة ليس يمكنها القيام بدورها بإيجابيّة ,
ما لم تكن ملتزمة بالأخلاق الفاضلة و الآداب الراقية . و من هنا قرّر فريضة الحجاب
, ليس احتقاراً لشخصيّتها أو طعناً في كرامتها أو تنقصاً لقيمتها , كما يحلو
للفارغين و الفارغات أن يتصوّروا , بل بالحريّ لكي يحيطها بهالة من القدسيّة
المشرقة و القيمة المتألقة , فتشعر بإنسانيّتها جميلة و بأنوثتها رائعة . و لكي
يفهم أيضاً الناظر إليها _ عندما تضطر للخروج _ أنّها إنسانة فاضلة و أنثى راقية و
مسلمة كريمة , فلا ينظر إليها نظرة يختصر بها قيمتها و شخصيّتها في شيء واحد , ألا
و هو : الإثارة الجنسيّة !!
لئن كانت تلك هي غاية التشريع الإسلامي
من فريضة الحجاب : ستر كامل لأنوثتها و تقديس لها في نفسيّة الرجل . صار هذا
الحجاب _ و قد تشوهت حقيقته في عقلها _ لباساً غريباً عن روح و جوهر الإسلام , فلم
يعد هناك أي فرق بين الفتاة العلمانيّة اللاهثة وراء سراب الغرب الجهول , و بين
كثير من الفتيات الملتزمات إلا بقطعة قماش توضع على الرأس !!
من أجل ذلك ندعو الفتاة و المرأة
المسلمة أن تعيد النظر في مفهوم الحجاب لكي يتناسب مع حقيقته و جماليّته في المنهج
الإسلامي , لأنّها بهذا التجديد و التنقية لمفهوم الحجاب مما التصق به من الأخطاء
و الأغاليط , ستكون _ أي الفتاة المسلمة _ قد قطعت شوطاً شاسعاً في الإستعداد
لأداء دورها و القيام بمسؤوليّتها تُجاه هذا الدين و الأمة و الإنسانيّة .
إنّ الفتاة المسلمة يجب أن تدرك أنّها
بتشويه معنى الحجاب بلباسها المثير , علاوة على أنّها تقترف معصية عظيمة عند الله
, سيحاسبها عليها . فإنّها تقترف خطيئة عظمى في حق المجتمع . فقد أثبتت كل
الدارسات المعاصرة على أنّ الشاب عندما يرى منظراً مثيراً بسبب : لباس الفتاة أو
حركاتها أو كلماتها , فإنّ داخله يبدأ في الهيجان الجنسي , و هذا بدور يسبب له
تشتّتاً في قوته العقليّة , فلا يستطيع التركيز جيّداً , و إذا حُرم من إفراغ
شحنات الشهوة الجنسيّة التّي تراكمت فيه بسبب تلك الفتاة التي رآها في الشارع ,
العمل , الإدارة , المدرسة و الجامعة .. إلخ , فإنّ الأمر يسبب له مضاعفات صحيّة
على المدى الطويل . و بالتّالي بدل أن يركز هذا الشاب على دراسته , عمله , أهدافه
الكبرى , و بدل أن يحرص على أن يكون إنساناً إيجابيّاً و مسلماً نافعاً في مجتمعه
و أمّته , يتحوّل إلى تركيز ذهنه و طاقته العقليّة حول جمال الفتاة و سحر إثارتها
, بل و كيفيّة إشباع رغبته الجنسيّة , و بالتّالي ينقلب إلى السلبيّة القاتلة ,
تلك السلبيّة التّي تدمّره و تدمر المجتمع معه !! و بهذا تساهم الفتاة و المرأة
المسلمة المعاصرة بقوة في إهدار طاقات شباب الأمة و تحريفها عن مسارها الصحيح :
مسار البناء و التعمير و التطوير . أي أنّها تقدم خدمة مجانيّة لأعداء الأمة ,
فاعجب يا قارئي لهذا الموقف منها ؟!
و ختاماً نُذكر الفتاة المسلمة أن ضابط
الحجاب هو : لا يصف و لا يشف . أي لا يصف أعضاء جسدها بسبب عدم تغطيّتها أو ضيق
الملابس . و لا يشف عمّا تحت اللباس .
أيّتها الفتاة : أنت جوهرة ثمينة بل
أنت أساس الحضارة , فحافظي على قيمتك : إنسانةً نبيلة , و أنثى محترمة , و مسلمةً
كريمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق