التسليم للوحي ثلاث مراتب :
1/ تسليم عين اليقين : و هو تسليم نابع
مع بصيرة واضحة لتعاليم الوحي و وعي عميق بجمالياته المتألقة في مكونات منظومته
كافة , و الله يهيب بالمسلم التّسامي الى هذا المقام , فقال : وَأَنزَلْنَا
إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ [ النحل:44 , من العجيب أن ترد هذه الدعوة في سورة يحمل عنوانها
دلالة جميلة ] .
2/ تسليم حق اليقين : و هو تسليم نابع
من ارتفاع صاحب هذه المرتبة عن مستوى عامة المؤمنين و قصور عن اللحاق بالمستوى
الاول عين اليقين , اي قد عرف اشياء من روعة و اسرار التدبيرات القرآنية في النفس
و المجتمع و العقائد و الاخبار , و غفل عن اشياء اخرى فلم يفهم لها معنى .
3/ تسليم علم اليقين : و هو تسليم نابع
من عقيدة المؤمن ان كل ما يتضمنه الوحي حق كله , رشد كله , عدل كله , رحمة كله ,
بالرغم من عجزه عن فهم حكمة التعاليم الشرعية بعناصرها المختلفة .
بخصوص الوحي و العقل , اسمي طبيعة هذه
العلاقة بينهما ب : تواصلية الوحي الرباني و العقل الإنساني [ و هو عنوان كتاب قد
بدأت بعض افكاره تتشكل و تتجمع في عاقلتي ] , هذه التواصلية مبنية على حقائق :
1/ مصدرية الوحي : مصدر هذا الوحي هو
الله , الإله المطلق في ذاته و اسمائه و صفاته , تنتج هذه الحقيقة ان كل تعليم من
تعاليم الوحي هو مرآة تعكس الحقائق الوجودية الاربعة : الله , الانسان , الكون ,
المصير . اي ان الله عندما يقرر شيئا في منظومة شريعته الاسلامية , فهو يعتبر
معاني هذه الحقائق الاربعة .
2/ غائية الوحي : غاية هذا الوحي هو
بناء الانسان , بما ينسجم مع تلك الحقيقة الفائفة الروعة و الجمال و الاثارة : [ و
نفخت فيه من روحي ] , تنتج هذه الحقيقة ان كل تعليم من تعاليم الوحي هو عنصر فعال
في بناء و اعادة صياغة انسانية الانسان .
3/ مجالية الوحي : مجال هذا الوحي هو
الانسان , بما يتضمنه من طاقاته و غرائز و اشواق . ينتج عن هذه الحقيقة ان كل
تعليم من تعاليم الوحي يأخذ في اعتباره طبيعة الفطرة البشرية بشكل واقعي و موضوعي
, بلا افراط و لا تفريط . [ ألا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير ]
4/ آليات الوحي : آلية هذا الوحي هو
التثوير العميق , ليس فقط لظاهر الروح أو قل إن شئت لظاهر العقل البشري فقط , بل
أيضا _ و هذا أهم _ لتلك الحواس المكنونة في المستويات العميقة في العقل / الروح
الإنساني , و آلية اشتغال الوحي في المستوى لها ثلاث أبعاد : البعد الاخلاقي ,
البعد الكوني , البعد الشوقي المتعلق بعالم الخلود , حيث كل انسان يشتاق بحاسة في
عقله الى فضاء مطلق جميل و سرمدي .
الخلاصة : لو كشف الغطاء لما وجد العقل
أن يقول لشيء موجود في تعاليم الشريعة ليت لم يكن , أو لشيء غير موجود ليته كان .
تلك شذرات , تحتاج لمزيد من التأمل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق