إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 24 ديسمبر 2013

لدي حلم جميل

يقول الرسول r :
لدي حلم
{إن قامت الساعة و بيد أحدكم فسيلة , فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل }
قد يضع الإنسان لنفسه هدفاً يسعى لتحقيق و ينشد بلوغه .. ثم ينتهي كلّ شيء بمجرد تحقق الهدف !! أما الحلم فمعنى آخر .. هو معنى كبير يستمد طاقته من نبض القلب و إشراقة الروح و سرّ الحياة .. و لذلك يكون تأثيره أقوى من الهدف الصغير الضئيل !!
النبي r يريد للمسلم أن يتفاعل مع أحلامه بشكل إيجابي .. إنّه يرفض أن يغتالها في ضميره .. يرفض أن يشوّهها في أعماقه .. يرفض أن تظل حبيسة الخيال .. و من ثمَّ يأمره _ صلى الله عليه و سلم _ أن لا ييأس , ليس فقط عندما تواجهه بعض المعوّقات , بل أيضاً حتّى في أقصى لحظات الضعف التّي تحطم كلّ شيء في الكينونة البشريّة .
إنّ هذا الحديث النبوي الدقيق ينبّه المسلم على الحقائق مهمّة :
@ ضرورة الصبر و المثابرة , و أهميّة الحرص الشديد على بذل الوسع لتحقيق الحلم .
@ التفاعل الإيجابي مع الأحداث , حتّى تلك التّي تضغط على العقل و تكاد تخنق الروح  .
@ الإنعتاق من بوتقة الأنانيّة المقيتة إلى رحابة التفكير الجميل في الآخرين و جلب المنفعة لهم .
@ الحياة لا تنتهي عند شخص معيّن أو عند مرحلة محدّدة , بل هي خط متواصل و بحر دفّاق .
إذن , النبي r يعلّم المسلم _ في هذا الحديث _ أهميّة الحلم , بل أن تكون أحلامه كبيرة جدّاً , تتجاوز ذاته الشخصيّة الصغيرة إلى رحابة الإنسانيّة الفسيحة , و تسمو على ضيق الدنيا الفانيّة إلى فضاء خلود الآخرة الأبديّة .
عندما يعيش الإنسان بهذا التفكير و بهذه الرؤية و يتعامل مع الحياة _ بشتى روابطها و أحداثها _ على نحو هذه الشاكلة الجميلة , حينها فقط سيكون إنساناً إيجابيّاً : في تفكيره , في أخلاقه , في سلوكيّاته . و حينها _ أيضاً _ سيعيش مطمئن القلب مشرق الروح متألق العقل . ذلك لأنّه الآن _ و قد تغيّرت رؤيته لشخصه و للحياة من حوله و للمصير السائر إليه _ لم يعد يخشى الفشل , و لم يعد يخشى الحرمان , فهو مرتبط بخالقه الجليل , الإله المطلق الأزلي , و من ثمَّ فهو بين أمرين :
إما أن يقطف ثمرة كفاحه و صبره و مثابرته هنا في عالم الدنيا .
و إما أن يجنيها _ كأحسن ما يكون اجتناء ثمرة _ هنالك .. في عالم الخلود و السرمديّة الفائقة . } وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقَىٰ { [الأعلى:17] .
إنّ ذا الحديث , يقول للمسلم :
* عش حياتك بأمل جميل و حلم سامي و تفاؤل كبير , و لا تيأس و لا تخف و لا تتشاءم , فهناك ربّ برٌّ رحيم عليم بصير قوي قدير , لا يضيع عنده شيء من العمل الصالح و لا تخيب لديه نيّة خالصة .
* عش حياتك بالحب للآخرين و العطاء الكريم لهم الحرص الشديد على منفعتهم و خيرهم , حتّى و إن كنت على يقين واضح أنّهم سيجنون فوائد صبرك و كفاحك بعد أن ترحل عنهم , فالله لن ينس لك ذلك و سيجازيك خير الجزاء .

يقول الحق تعالى : } كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ { [آل عمران:110] . فهكذا ينبغي أن تكون أيّها المسلم : خيّراً , متفائلاً , معطاءاً , مكافحاً في سبيل سعادة الآخرين و راحتهم : مع نفسك أولاً , ثم مع كل من تربطك بهم رابطة : زوجتك , أولادك , أصدقاؤك , جيرانك , عائلتك , مجتمعك , و الإنسانيّة جمعاء .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق